تعد فترة الروضة وما قبلها من تمهيد وإعداد مرحلة انتقالية مهمَّة في حياة الأم والطفل معاً، فتصاب الأم بالحيرة حول السن المناسب لالتحاق طفلها بالروضة وكيفية التعامل مع رفضه للفكرة، بالإضافة إلى تعويده على الاستيقاظ باكراً وكل ما يرافق ذلك من تغيرات في نظام الطفل وحياته اليومية.
فإن الطفل الذي اعتاد تواجد والدته معه طوال اليوم، سيجد نفسه محاطاً بالغرباء في مكان جديدٍ عليه بعيداً عن والدته لنصف اليوم تقريباً! لا شك بأن هذا سيخلق لديه شعوراً بالخوف والرهبة.
وبالحديث عن السن الأمثل للالتحاق الطفل بالروضة، ترى الخبيرة التربوية نويل جانيس نورتون أن الأبناء الذكور يكونون غير ناضجين أبداً حتى سن الرابعة، وأنهم كثيراً ما يأتي نموهم متأخراً عن البنات، لذا فهي تنصح بعدم إرسال الأبناء من كلا الجنسين قبل أن يكونوا مستعدين تماما لهذه الخطوة.
وهي تؤكد على عدة نقاط يجب الالتزام بها إذا ما بدأ الطفل فعلاً بالذهاب إلى الروضة:
الالتزام بالذهاب بانتظام: من المهم أن تكون الأم حازمة في هذه النقطة حتى يتخطى الطفل مرحلة البداية سريعاً بما فيها من خوف وترقُّب، فالذهاب المتقطع لا يفيد الطفل بل يجعله يصر على موقفه الرافض في كل مرة معتقداً أن أمه ستوافق وترضخ لمطلبه، فيزداد البكاء والصراخ، كما أن عدم ذهابه بانتظام سيجعل اندماجه مع أقرانه أبطأ.
عدم رشوة الأبناء للذهاب: تقديم الحلوى والألعاب لتشجيع الطفل على دخول الروضة مرفوض تماماً، وأنه لابد من التمهيد للطفل مسبقاً بأنه أصبح كبيراً ويجب عليه الذهاب للروضة. عندما كان يرفض أبنائي الذهاب إلى الحضانة كنت أحدثهم دائماً عن أهمية طلب العلم، وأن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة.
قد يرى البعض أن الأطفال في هذا العمر أصغر من أن أحدثهم عن أهمية العلم والسعي، ولكني كنت أبسّط لهم ذلك بالحديث عن المكافأة، ألا وهي الجنة، التي بها من الألعاب والحلوى ما تشتهي الأنفس، والثياب الجميلة الملونة ونظل نتحدث عن الجنة وما فيها حتى يتلاشى تدريجيا موقفهم السلبي والرافض ويتحول الحديث إلى آخر شيق ومثير بالنسبة لهم
مشاركة في توصيل الأبناء من وإلى الروضة: يمكنكِ الاتفاق مع جارتك أو صديقتك على توصيل الأبناء سوياً حتى يطمئن طفلك بوجود صديق له يعرفه من خارج الروضة بالقرب منه، حتى يأنس به ولا يشعر أنه محاط بالغرباء. عندما بدأ ابني الأصغر بالذهاب إلى الروضة، طلبت من معلمته أن تسمح لأخيه الذي يكبره بعامين بالجلوس معه لفترة مؤقته حتى يألف المكان.
كسر حاجز الخوف: كسر حاجز الخوف لدى الطفل من الروضة، فهي بالنسبة إليه مكان مرعب ومخيف لأنه يجهله، يمكنك مساعدته في تخطي خوفه بأن تكتشفا المكان سويةً والممرات الداخلية ومناطق الألعاب. وأن تلفتي نظره إلى الأطفال وهم يلعبون دون خوف، لكن دون إجباره على اللعب إذا رفض مشاركتهم.
الاستماع جيداً لمخاوف الطفل دون إصدار الأحكام: ربما كانت الروضة كمكان واسع وكبير هي ما تخيف الطفل أو من الممكن أنه يخاف من التجمّعات أو الأعداد الكبيرة أو من الأطفال الأكبر سناً. أياً كانت مخاوف طفلك، عليكِ الاستماع لها باهتمام دون إصدار الأحكام أو القرارات.
لا تخبريه مثلاً أنك ستكلمين معلمته لتغيير وضع ما لأجله، فهذا لا يساعده، بل يضعف شخصيته أكثر في مواجهة المجتمع الجديد ويقلل ثقته بنفسه مما يشعره بالخوف دائماً. الأفضل من ذلك، إلزام ابنك بشكل تدريجي وثابت بتطبيق قواعد المكان مثلما يفعل باقي زملائِه (كالحضور اليومي، الالتزام بميعاد اللعب الذي تفرضه الروضة، وهكذا)
لقد كانت ابنتي الكبرى تبكي وترفض الذهاب إلى الروضة لأنها تقضي فيها وقتاً طويلاً، إلا أنها تغلبت على ذلك حين جعلتها تقضي هناك نصف الوقت فقط قبل أن آخذها إلى المنزل، استمر الأمر كذلك لفترة معينة في البداية إلى أن انتظمت كباقي زميلاتها.
لأن هذه الفترة القصيرة في بداية حياة الطفل هي تأسيس لحياة الطفل التعليمية بأكملها، فإنه يجب الاهتمام بالتوجيه المناسب في هذه الفترة والتعامل مع الصعوبات بعقلانية وهدوء، حتى لا تتحول الروضة والمدرسة من بعدها إلى كابوس مرعب
هند أحمد