كيف أساعد طفلي على تكوين الصّداقات؟
لا شكّ أنّك قدْ رأيت العديد من النّماذج خلال حياتك الدّراسيّة والعمليّة التي أثبتت لك بكلّ وضوح أنّ النّجاح في الحياة ليس مرتبطاً فقطْ بالتّحصيل العلميّ، وإنّما هناك العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دوراً هاماً في إيصال الإنسان لأهدافه، وعلى رأس هذه القائمة تأتي المهارات الاجتماعيّة في الحياة والقدرة على تكوين الصداقات وبناء العلاقات الصّحيحة المتوازنة في محيط البيت والعمل والأصدقاء.
ويبدأ اكتساب هذه المهارة كغيرها من المهارات منذ الصّغر، كما يبدأ تأثيرها في نفسيّة وشخصيّة الطّفل في الظّهور من السّنوات الأولى، فإذا كان محاطاً بالأصدقاء سينْعكس هذا إيجاباً على ثقته بنفسه، وإذا كان منعزلاً عن محيطه ستبدأ نفسيّته وبالتّالي شخصيّته بالتّأثر سلباً.
ولا نقول هنا أنّ الإنسان يستمدّ ثقته بنفسه من نجاحه الاجتماعيّ، بل العكس هو الصّحيح فهو ينجح في حياته عموماً بسبب شخصيّته وقلبه وتفكيره المتوازن، إلا أنّ كل ذلك في النّهاية سيشكّل الصّورة الذّهنية التي يراها الشخص عن نفسه.
تقول منار بخش أخصائيّة التّعليم المبكّر “إنّ كلمة الإطراء التي يسمعها الطّفل من رفيقه تعزّز ثقته بنفسه أكثر من تلك التي يسمعها من والدته، والسّبب في ذلك هو أنّه يعرف كم تحبّه أمّه وربّما لهذا هي تراه مبدعاً في أمرٍ ما، أمّا صديقه فهو لنْ يقول شيئاً إلّا إذا كان يعنيه فعلاً”.
إليك بعض النّقاط التي من المهمّ التّركيز عليها خلال متابعتك للتّطوّر الاجتماعيّ لطفلك:
في العمر الصّغير:
إيجاد بيئةٍ لطيفةٍ فيها عدد من الأطفال في نفس المرحلة العمريّة لطفلك والذين يتمّ الالتقاء بهم بشكلٍ دوريٍ يسمح بتطوّر شكلٍ معينٍ من الصّداقة.
الحدّ من الارتباط الزّائد بين الطّفل والأمّ وتقوية علاقاته بمحيطه.
تعزيز روح المشاركة ونبْذ الأنانيّة قدْر الإمكان.
قراءة القصص والمحتويات التي ستوضّح للطّفل معنى الصّداقة، نذكر منها قصّة “أين اختبأ الدّيناصور، أنا أفتّش، لنربح معاً، الفيل فلافل والزّرافة ظرافة” وغيرها من القصص القيّمة من تطبيق لمسة.
وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار أنّ الأطفال حتى عمر 3 سنوات يلعب كلٌّ منهم على حده وهو ما يعرف باللّعب المتوازي، ثم ينتقلون فيما بعد إلى مرحلة اللّعب التفاعليّ.
في العمر الأكبر:
حثّ الطّفل على المشاركة في الفعاليّات والأنشطة التي تفتح له مجال التّعرف بأصدقاء جدد.
مساعدة الطّفل في طريقة اختيار الصّديق من خلال التّركيز على الصّفات والقيم الأساسيّة التي من المهمّ تواجدها لديه.
ضرورة محافظة الطّفل على هويّته وشخصيّته المستقلّة ولكنْ لا مانع من التّأثّر الإيجابيّ بالآخرين والتّطوير من الذّات.
وضْع الحدود التي تنظّم شكل العلاقة وتحميها من التّطاول ومضايقة الطّرف الآخر.
تشجيع الطّفل على صقْل مهاراته وهواياته سواءٌ في الرّياضة أو الفنّ أو أيّ مجالٍ يحبّه، فعندما يكون هو شخصٌ متميّز لا شكّ أنّه سيجذب الكثير من الأصدقاء نحْوه.
الحثّ على الحوار والتّسامح والاعتراف بالخطأ في حال حدوث أيّة مشكلة لأنّنا إنْ لمْ نتحلَّ بهذه الصّفات لنْ يبقَ لدينا أيّ صديق.
الحديث الدّائم مع الطّفل عن صداقاته وعلاقاته الاجتماعيّة لنتمكّن من التّوجيه والإرشاد عند الحاجة، أو التّدخل إذا لزم الأمْر.
تعليم الطّفل أنّ في الحياة وقتٌ نخصّصه للأهل ووقتٌ نخصّصه للأصدقاء ووقتٌ فرديٌّ خاصٌّ بنا نقوم فيه بواجباتنا وهواياتنا، وأنّ الموازنة بيْن هذه الأمور في حياتنا سيجعلنا أكثر سعادة.
وفي النّهاية علينا أنْ ندرك أنّ لكلّ طفلٍ قدراتٌ مختلفةٌ حتّى في مجال المهارات الاجتماعيّة وتكوين الصّداقات، ولذلك علينا أنْ ننْتبه عند تشجيعه أنْ لا نشكّل عليه أيّ نوعٍ من الضّغط النّفسيّ الذي قدْ يتسبّب له في عقدةٍ يصْعب حلّها، وطبْعاً لا داعي أنْ نقول أنّك أنت الصّديق الأوّل لطفلك فحافظْ على هذه الصّداقة بذكاء.